مسعود سواري
عـربـي فـارسـی English

نحن لدينا رغبات وبشكل غريزي نتوقع من الحياة أن تكون كما نرغب. نحن نرغب بأن الطقس يكون جميل. نحن نرغب كل من حولنا يكونوا طبيعيين ويتصرفوا معنا بلطف. نحن نرغب أن يحبنا ويحترمنا الكل. نحن نرغب أن تحصل لنا أمور طيبة. ولكن الدنيا والأشخاص الذين يعيشون فيها غير مهتمين بما نرغب. الدنيا لا يمكنها أن تشعر برغباتنا. لأنها ليست بشر حتى تشعر بشيء. أيضاً لا توجد أيادي خفية أو إمدادات غيبية كي تلبي لنا رغباتنا.

لما الحياة تظهر لنا أمور لا نرغب بها، حينها ننصدم. على سبيل المثال نحن لا نرغب أن تنتهي علاقتنا الغرامية بشخص ما وكذلك لا نرغب أن نسمع كلام مُهين من شخص قريب لنا. ولكن إن حصلت مثل هذه الأمور حينها ننصدم. لما يكون هنالك تناقض بين ما نرغب به من جهة وواقع الحياة من جهة أخرى سننصدم. هذه الصدمة تسبب لنا ألم. ما دمنا على قيد الحياة نتعرض للألم. نحن لا يمكننا أن نتحكم بالدنيا. لا يمكننا أن نغير الناس. لا يمكننا أن نفرض رغباتنا على الدنيا وعلى الناس. لذا من الطبيعي أن يكون هناك تناقض بين ما نرغب به وما يحصل لنا على ارض الواقع. طبيعي أن نتألم.

صح من طبيعي أن نتألم ولكن طريقة تعاملنا مع الألم هي غير طبيعية. نحن في كثير من الأحيان نحوّل الألم إلى معاناة. نحن على مر الزمان اصبحنا خبراء في تحويل الألم إلى معاناة. كيف نحوّل الإحساس بالألم إلى معاناة؟ لما لم نعترف بوجود الألم في داخلنا. لما نتهرب من مواجهة الألم. لما نحبس الألم في داخلنا ولم نسمح له أن يخرج منا. نحن بسبب خوفنا من مواجهة الألم والإعتراف به نزيد من عمر الألم ونحوله إلى جرح عميق ومعاناة طويلة. نحن نتصور إن لم نعترف بألمنا و إن لم نواجهه عندئذ سيختفي تلقائياً. ولكن هذا التصور غير صحيح. عدم الإعتراف بشيء لم يجعل منه أن يختفي.

الطريقة الصحيحة في مواجهة الألم هي تبدأ بالإعتراف بوجود الألم في داخلنا. نعترف بأننا نتألم من أمرٍ ما ولا نحاول على الإطلاق أن نتجاهل ألمنا. ثم نحاول أن نكتشف ونفهم الأسباب والعلل التي تسببت لنا هذا الألم. على سبيل المثال إن فشلت علاقتنا الغرامية مع أحد فمن الطبيعي أن نتألم. في مثل هذه الحالة علينا أن نعترف بأننا متألمين مما حصل. ثم علينا أن نفكر جيداً في الأسباب والعلل التي ادت إلى فشل هذه العلاقة. ربما نكتشف بأننا لا يمكن أن نبني علاقة غرامية مع شخص بشكل سريع ومنفعل. أو ممكن نكتشف أسباب أخرى.

الحياة والألم لا يفترقان عن بعضهما البعض. لما بدلاً من تجاهل الألم وحبسه في داخلنا ، نقوم بالإعتراف به وتقبله والتعامل معه ، عندئذٍ سنسمح لنفسنا كي تطلق سراح الألم وتتجاوزه وتتخلص منه. حينها يمكننا أن نرى الجانب الإيجابي والسلبي من الحياة مع بعض ، بدلاً من التركيز على الجانب السلبي فقط.